كتاب الموقع

كتبت ليندا حمورة | البكيني يشعل شوارع عاصمة الجنوب …

ليندا حمّورة  | كاتبة وباحثة لبنانية

كنت في أحد منتجعات منطقة جبيل، رغم أنني لا أجيد السباحة، ولكن أحيانا حرارة الجو تدفعني للنزول إلى المياه؛ أنا تلك المرأة المنفتحة التي لا تقيدها عادات، ولكني وبحكم بيئتي أحترم المبادىء التي ترعرعت عليها وأهتم بالأخلاق والأدبيات كونها قواعد ثابتة لجميع الأديان . أنا شخصياً لا أحب ارتداء البكيني ولا حتى الحجاب وخصوصا مع محجبات هذا الزمن الذي باتت فيه وللأسف الكبير أكثر المحجبات يقززن النفوس بلباسهن، وحتى لا أطيل الكلام كنت آنذاك أرتدي اللباس الذي أرتديه على أي بحر إن كان للنساء أو مختلطًا، فهو واحد ” شورت وبروتيل “، وما إن جلست على حافة المسبح حتى سمعت صوت أحدهم، وكان  ورائي وقال : ( لو سمحتي ممنوع تنزلي بلا مايوه ) هنا صرخت بوجهه قائلة : ( إنت أكيد بلا نظر وما بتعرف ان اللي انا لابسيتو هو اسمو مايوه وما ضروري يكون بيكيني ليكون مايوه ) ووقتها أيضاً عرفت أن المحجبات أيضاً ممنوع عليهنّ السباحة في أكثر مسابح بيروت، ويبقى السؤال اليوم : هل يستحق ما حصل في صيدا كل هذه البلبلة ؟
لبنان وطن الحريات والديمقراطية، وطن نعيش فيه طوائف وأحزاب وألوان ربما لا يجمعنا الإنتماء الحزبي ولكن حتما تضمّنا الإنسانية وتوحّدنا المبادئ والقيم، الإحترام هو شرط من شروط الحياة السليمة، نعيش على مبدأ ” الإختلاف في الفكر لا يفسد للوّد قضية ” ولكن وللأسف الشديد ما حصل في عاصمة الجنوب صيدا لا يدلّ على المبادئ ولا على احترام الرأي الآخر، ما حصل ليس إلا خدشًا للقيم التي أراد أبناء هذه المنطقة أن ينادوا بها ويريدون تطبيقها على الشاطىء العام للمدينة، هم لم يفرضوا رأيهم على المسابح الخاصة وتركوا لكم حرية اللباس فيها، ومن تريد لبس البيكيني وترغب بالسباحة على شاطىء عام فلتقصد مدينة صور مثلاً أو حتى بيروت …
يا أبناء هذا الوطن الجريح الظمآن، يا أبناء لبنان الفارغ من رئيس يحكمه، ومن حكامٍ يصونون شعبه، أنتم اليوم الشعلة التي عليها أن تنير ظلام الفراغ الرئاسي، ودياجير الحرمان الذي سببه فساد السياسيين، لا تغوصوا في وحول النعرات الطائفية، فالإحتشام هو سبيل للرقي والحضارة وليس كما تظنونه تخلّفًا، فإن كان البيكيني سبباً تتقاتلون من أجله فلا عار إذاً على أولئك الذين سلبونا أموالنا وأحلامنا ولقمة عيشنا …
نحن شعب صنع التاريخ ولكنه عاجزٌ عن بناء جسر للعبور نحو الإنسانية التي هي من أهم المبادىء التي علينا أن نهتم بها لإنقاذ الحياة من الجهل والتطرّف والاستبداد والظلم …خففوا من وطأتكم أيها المسربلون في الساحات ودعوا الأمور تسير بسلام، فالبيكيني ليس نهاية العالم ومن شاءت ارتداءه فلتقصد ما تريد من مسابح ولتترك لأصحاب الإلتزام بالمبادىء الشاطىء العام فهم أحرارٌ ولهم حرية السباحة دون مناظر تخدش انتمائهم ودينهم ومبادئهم !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى