تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب د . روبير بشعلاني | صعلوكيات ( الواقعية والوحدة ) .

الدكتور روبير بشعلاني | باحث لبناني مقيم في فرنسا

بعض الاسئلة التي توجه لي حول التدرج في الوحدة المنشودة تنطلق في احيان كثيرة من فرضية طوباوية تعتبر ان ” الجميع” لهم مصلحة بها وان تحقيقها بسيط ومرتبط بحل مسائل تقنية وادارية ومراعاة لحساسية هذا او ذاك .
علينا ان نعرف مثلاً ان الوحدة ليست مطلب “الجميع” لان هناك خاصة بيننا وجدوا مصالح لهم بالكيانات عبر الارتباط بالمشروع الغربي للهيمنة وهؤلاء ليسوا مهتمين بتاتاً بالانتحار الذاتي اجتماعياً من اجل مصلحة العامة ولذلك فإن الواقعية تفترض صراعاً اجتماعياً داخليا كما صراعاً وطنيا مع الخارج المهيمن.فمشروع الوحدة يحتاج الى شروط اقتصادية واجتماعية وسياسية والى نضال وتعبئة الجمهور-الحاضنة من اجل فرض تلك الوحدة المنشودة. فهي ليست مسألة تقنية ولا تدرج ولا تعويد بل مشروع سياسي للتحرر الوطني اعتقد ان شروطه تامة اليوم. فالعدو الاساسي ضعيف ويتلقى الهزائم كل يوم وادواته المحلية كذلك ضعيفة لانها تتغذى اساسا منه ومن قوته ولذلك تراها قلقة حاليًا وتبحث عن حلول امنية مستحيلة.
الوحدة ليست ادارية ولا مسألة مراعاة اجتماعية بل حاجة موضوعية لكسر الطوق التبعي المانع للتحرر والصعود وبناء الاقتصاد الحقيقي بحجم يتيح الاستجابة لحاجات الساكنة العربية في تأمين العمل والسكن والطبابة واالرعاية الاجتماعية والكهرباء والماء والغذاء وما شاكل.
الوحدة جواب على سجن المجتمع العربي في كيانات غير قابلة للحياة. الوحدة جواب على تفتيت السوق، تلك السوق التي هي شرط الانتاج والصناعة الحديثة. الوحدة حاجة موضوعية تحتاج الى معركة وكسر موازين القوى السائدة لا الى مراعاتها فهي نتيجة صراع قوى وبالتالي فإن قوى الوحدة تحتاج الى تنظيم وتعبئة ودراسة واعداد مشاريع مستقبلية اقتصادية وغير اقتصادية.
ومن هنا فإن الوحدة مشروع شعب يتكون من خلال النضال من اجل تحقيقها لذلك هي برنامج جماهيري يخص العامة التي عليها مهمة انضاجه وبلورته وليس برنامج قلة نخبوية مقتنعة ايديولوجيا بالوحدة وبالعروبة.
الوحدة اما انها تستجيب لحاجة العامة في بناء دولة حقيقية باقتصاد حقيقي وامن ذاتي حقيقي واما هي خيار جمالي لتزيين حياتنا الجميلة ببعض القناعات الايديولوجية.
فاذا كانت فعلا حاجة وان اقتصادنا لن يدور بدونها وان السوق لن تخلق بدونها وان الدولة لن تعمر بدونها فمن العبث ان نمرحل لان الحلول معدومة. والدليل هذا الافلاس الفكري للاحزاب الكيانية التي ليس لديها ما تقدمه كحل للمشاكل الملموسة الا “مكافحة الفساد” وكأن مشكلتنا ليست بنيوية وبسبب خضوعنا للهيمنة بل لاعراض اخلاقية ومحاسبية وسوء ادارة وحوكمة.
الحل بين ايديكم فالفرصة اليوم امامنا مفتوحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى