كتاب الموقع

الشيعة يُقاطعون الانتخابات

نبيه البرجي | كاتب وباحث سياسي لبناني

أما وأن الطبقة السياسية باقية (البقاء لله)، لا يذهبنّ بكم التفاؤل حدّ التصوّر أن البلدان الغربية، والبلدان العربية (التي تفيض ديموقراطية)، بتركيزها على اجراء الانتخابات في موعدها، انما تراهن على صناديق الاقتراع في انتاج طبقة بديلة، تنقل لبنان من النظام الطائفي ـ القبلي الى الدولة المدنية التي تتفاعل مع ديناميات القرن.

الرئيس نبيه بري سيوضع أمام خيارين، اما فض الشراكة مع الحزب، وانهاء ظاهرة «الثنائي الشيعي»، وهو رابع، أو حتى أول، المستحيلات، أو ابعاده عن الرئاسة الثانية…

ثمة سفارات في بيروت، وثمة أجهزة استخبارات متعددة الجنسيات، استحدثت خلايا لادارة العملية الانتخابية بكل تفاصيلها، دون أن يتمكن حزب الله، في نظرهم، من فعل أي شيء، باعتبار أن الحصار على ايران سيكون اشد هولاً، لأن أجواء مفاوضات فيينا لا تشي بالعودة الى الاتفاق النووي. وهذا ما يعكسه التناقض الحاد في الرؤى  وفي الطروحات بين الأميركيين والايرانيين.

هنا السؤال عن الورقة (الورقة ـ الزلزال) بين يدي الرئيس بري والسيد حسن نصرالله: مقاطعة الانتخابات! في هذه الحال، أي شيعي «يتجرأ» على الترشح، وكسر المقاطعة؟ ولكن هناك اسماء معروفة يتم تداولها، في بعض الأوساط وهي جاهزة لـ»المجازفة».

ثمة سابقة في هذا المجال. المقاطعة المسيحية عام 1992. بالرغم من ذلك رأينا شخصيات مسيحية بحيثيات وازنة شاركت في الانتخابات. آنذاك كانت المناخات الدولية والاقليمية التي رعت وثيقة الطائف لا تزال ترخي بظلالها على المشهد السياسي الداخلي. الآن، الظروف الدولية والأقليمية ضبابية جداً، ان لم تكن ملبدة جداً. تداعيات هذا الوضع تنعكس بصورة مباشرة على لبنان.

الكل يعلم أن هناك دولاً قريبة، وبعيدة، ضالعة في صياغة السيناريو الخاص بتكوين الكونسورتيوم اياه لتغيير ميزان القوى ان في ساحة النجمة أو على الصعيد السياسي العام، ما يعني أن لبنان سيكون أمام ايام صعبة وخطيرة، ودون استبعاد الانفجار في حال من الأحوال…

كلام عن دور للسنّة في الحيلولة دون تدهور الوضع السياسي، والوضع الأمني. ولكن أين هم السنّة الآن، وماذا ستكون عليه حالة جماعة الاعتدال داخل الطائفة، اذا ما امتنع الرئيس سعد الحريري عن خوض الانتخابات؟

المعلومات تقول أن رئيس «تيار المستقبل» حائر بين اعادة ترميم وضعه في عالم السياسة واعادة ترميم وضعه في عالم الأعمال، بعدما وصل الى المفترق الصعب، وهو الذي لم يعش تجربة تشي غيفارا في أدغال بوليفيا، ولا تجربة أسامة سعد بين قوارب الصيادين…

في كل الأحوال، وما دامت الطبقة السياسية باقية، يبدو أن وجود الرئيس الحريري، الوجود السياسي، أكثر من ضروري في هذه المرحلة، وحيث بات واضحاً أن هناك قيادات سياسية وحزبية، حتى داخل الطائفة السنية، ذهبت الى أبعد مما ينبغي في الطريق الى الصدام.

هل حقاً أن هناك جهة مسيحية وضعت بين يدي الشيخ سعد معلومات  تظهر مدى التناغم بين زعيم حزب مسيحي ومرجعية روحية مسيحية تتهم الرئيس رفيق الحريري بالاضطلاع بدور بالغ الخطورة لايصال المسيحيين الى تلك الحالة من الوهن، والتبعثر، مع تراجع التأثير في المسارات السياسية للدولة، وبدءاً من مؤتمر الطائف الذي عقد في «ظروف شكسبيرية» حتى دخوله الى السراي.

في نظر الاثنين أن الابن ليس بعيداً عن أفكار أبيه، وان كان اقل حنكة، واقل قدرة على التخطيط، وعلى التأثير. من هنا فان ابتعاده عن المسرح لا بد أن يؤدي الى استقطاب الصقور من «تيار المستقبل»، ومن الجماعات السنية الأخرى، في خطة المواجهة مع حزب الله.

الى أين يمكن لهذه اللعبة أن تودي بلبنان وباللبنانيين؟ الله أعلم…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى