كتاب الموقع

كتب عمر معربوني | لبنان في مواجهةِ الإرهـ.ـاب (مخاطرُ سابقة وإجراءاتُ المكافحة )2/1

عمر معربوني | خبير عسكري خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية

خاص : الأفضل نيوز

عرضٌ تاريخي :

لم يكن لبنان يوماً خارج الاستهداف من الجماعات الإرهابية حتى قبل ظهور مقدّمات ما سُمّيَ ب ” الربيع العربي ” منذ أواخر العام 1999 تاريخ مواجهة جرود الضنية مروراً ب 105 أيام من المواجهة مع مجموعة ” فتح الإسلام ” في مخيم نهر البارد سنة 2007 وعملية عبرا بمواجهة مجموعة الإرهابي أحمد الأسير سنة 2013 وصولاً حتى عملية فجر الجرود التي خاضها الجيش اللبناني بالتزامن مع عملية ” وإن عدتم عدنا ” التي أطلقتها المقاومة اللبنانية والجيش العربي السوري سنة 2017 ومواجهات مختلفة أخرى أغلبها ذات طابع أمني نُفّذت من قِبل الجيش والقوى الأمنية والمقاومة .

بشكل سريع وللتذكير فإن عملية الضنية جاءت بعد أن عاد التكفيري بسّام كنج، من أفغانستان حيث تدرّب وكان له أهمية كبرى في حركة طالبان، إلى لبنان، وأسس مجموعة مسلّحة اتّخذت مقرّاً لها منطقة في جرود الضنية.

دأبت هذه المجموعة على التسلّح والتدرّب والتكفير والإرهاب. وقبل عيد الميلاد بأيام قليلة وردت معلومات إلى الجيش اللبناني مفادها أن هذه المجموعة تنوي تفجير كنائس في مدينة طرابلس ليلة العيد بهدف إثارة النعرات الطائفية وقتل الأبرياء ما جعل قيادة الجيش تتخذ القرار بمواجهة هذه المجموعة حيث شهدت تلك الجرود والقرى المجاورة لها بين الليلة الأخيرة من 1999 والرابع من كانون الثاني 2000، معركة قاسية حسمها الجيش لمصلحة الوطن والسلم الأهلي، بعد أن دفع ثمنًا غاليًا: أحد عشر شهيدًا. فما الذي حصل في تلك الليلة؟

تعرّضت دورية من المغاوير على طريق سير الضنية الرئيسي لكمينٍ مسلح أدّى إلى استشهاد أربعة عسكريين وفقدان ضابط وعسكري. على الفور طوّقت قوى الجيش جرود المنطقة وهاجمت مواقع وأبنية تحصّن فيها الإرهابيون متّخذين من المدنيين دروعًا بشرية، ما أدّى إلى مقتل بعضهم (من بينهم قائد المجموعة) وجرح وأسر عدد آخر.

جريمة الضنيّة صدمت اللبنانيين الذين فاجأهم غدر الإرهاب كما فاجأتهم الوحشية التي وسمت سلوك الإرهابيين وتنكيلهم بجثث الشهداء من دون أي رادع أخلاقي أو إنساني. يومها عرف اللبنانيون أنّهم أمام نموذج جديد من الأخطار: الإرهاب التكفيري الذي ما لبث أن انتشر كالوباء في كل العالم.

المعركة بمواجهة ” فتح الإسلام ”

اندلعت المواجهات بين الجيش و«فتح الإسلام» إثر اعتداء غادر صباح 20 أيار 2007 على مراكز للجيش في محيط نهر البارد، نتج عنه استشهاد ضابط و27 عسكريًا وعدد من المدنيين.

على الفور رفعت قيادة الجيش جهوزيتها، وعزّزت الوحدات بأخرى من الأفواج الخاصة، فتمّت السيطرة على كامل المخيم الجديد، ثم بدأت القوى تهاجم المخيم القديم وتضيّق الخناق على المسلحين بعد أن فشلت المساعي بإقناعهم بالاستسلام.

أُخلي المخيم من العائلات، وشاهد العالم بأسره صور العسكريين وهم يحملون أطفال المسلحين ويساعدون نساءهم على الخروج من منطقة المعارك، ملتزمين المواثيق والأعراف الدولية ذات الصلة.

في الثاني من أيلول وفي اليوم الخامس بعد المئة، انتصر الجيش بعد أن أنهى تدمير المعاقل الأخيرة لعناصر «فتح الإسلام» وتابع ملاحقة الفارين منهم خارج المخيم.

بالتزامن مع معركة نهر البارد حصلت مجموعة من الاعتداءات الإرهابية المتنقلة التي هدفت الى إرباك الجيش وتثبيت وحداته في مناطق الاستهداف الإرهابي ومنعه من زج كامل قوته في معركة نهر البارد وهذا في الحقيقة يعكس المستوى التنظيمي الذي وصلت إليه الجماعات الإرهابية وتنامي خطرها

مع شن الحرب على سورية بدأ الإرهاب يهدّد لبنان بشكل أكبر حيث شهد شمال لبنان ومدينة طرابلس سلسلة مواجهات ضمن جولات متعاقبة بلغت ذروتها بين العامَين 2011 و2014، وكبّدت الجيش عشرات الشهداء ومئات الجرحى والخسائر، كما أوقعت شهداء مدنيين أبرياء ودمّرت أحياء ومساكن .

في منتصف العام 2013 قامت مجموعة مسلحة تابعة ل أحمد الأسير بمهاجمة حاجز تابع للجيش اللبناني في بلدة عبرا – صيدا. وبدمٍ بارد قتل الإرهابيون ضابطَين وأحد العسكريين بينما أُُصيب عدد آخر بجروح.

خاض الجيش معركة شرسة مع مسلّحي المجموعة الإرهابية التي كانت تشنّ عليه حملة تكفير وتدعو إلى الجهاد ضده وتعمل على نشر الفتنة والعبث بأمن البلاد. تحصّن الإرهابيون في مآذن بعض المساجد في المدينة، وأطلقوا النار منها باتجاه الجيش، كما تمركز قسم منهم في شقق سكنية عالية مزوّدين كاميرات مراقبة دقيقة للغاية. الأمر الأصعب في تلك المعركة، كان وجود المدنيين داخل عدد كبير من الأبنية، وحِرْص الجيش على سلامتهم كلّفه غاليًا قبل أن يحسم المعركة.

وبين سنوات 2013 و2017 خاض الجيش والمقاومة عمليات مواجهة عديدة على السلسلة الشرقية لجبال لبنان تخلّلها عمليات تفجير في مناطق لبنانية مختلفة على رأسها الضاحية الجنوبية للبنان .

العام 2017 كان عام اجتثاث الإرهاب في شكله العسكري الجبهوي عندما قامت المقاومة بتحرير جرود عرسال وتعاونت مع الجيش بعد ذلك بتحرير كامل جرود رأس بعلبك .

لكن إنهاء الوجود العسكري للجماعات الإرهابية لم يمنع بقاء الإرهاب وخطره بأشكال أخرى اتخذت الطابع الأمني من خلال الخلايا النائمة والبؤر المتنقلة .

ومنذ سنة 2017 وحتى اللحظة نفّذت مديرية المخابرات في الجيش وشعبة المعلومات والأجهزة الأخرى عشرات عمليات الدهم والاعتقال وتفكيك الخلايا والشبكات وهي عملية مستمرة لم ولن تتوقف .

بمقاربة الوضعية السابقة والحالية لا يمكن لأحد أن يدّعي أن خطر الإرهاب قد زال بشكل نهائي عن لبنان خصوصاً أن الكثير من الملاذات الآمنة تتوفر للمجموعات الإرهابية بأشكالها المختلفة وأخطرها على الإطلاق شكل ” الذئاب المنفردة ” حيث تبرز مصاعب كبيرة في ملاحقة هؤلاء.

يتبع | المخاطر المحتملة للإرهاب على لبنان .

المصدر |  الأفضل نيوز

https://alafdalnews.com//details.php?id=ODE1Mjc=

عمر معربوني

رئيس تحرير موقع المراقب - باحث في الشؤون السياسية والعسكرية - خبير بالملف اللبناني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى