الدكتور محمد هزيمة | باحث في الشؤون السياسية
على بعد أسابيع من موعد إجراء الانتخابات اللبنانية المقرر في الخامس عشر من شهر أيار لعامنا هذا وقبل اسابيع من انتهاء ولاية المجلس الحالي الذي انتخب عام ٢٠١٨
وبعد عام ونيف على انتخابه دخل لبنان في مرحلة صعبة لم يشهدها بتاريخه حتى ابان الحرب الأهلية المشؤومة ولا خلال حروب الاحتلال الإسرائيلي عليه او الارهابي فقد تدهور الوضع العام من السياسي الاقتصادي الامني وصولا للحالة الإجتماعية وانهارت معها العملة الوطنية تقاطع هذا مع وباء هدد البشرية ادخل الاقتصاد العالمي بحالة من الركود، زادهم في لبنان كارثة انفجار مرفأ بيروت الذي أوجب استقالة الحكومة التي ولدت اصلا ميته، ودخلت البلاد معها بأزمة سياسية حقيقية، بظل عالم يتغير بدء من سوريا، العراق ،اليمن، وصولا إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا ،مرورا بالملف النووي الإيراني ، كل هذا ترك لبنان بعيدا عن أولويات الدول الاقليمية والدولية واهتماماتها وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول فرض تنازلات على لبنان بموضوع ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي وفيه نوع من التطبيع المقنع ولا زالت تجهد لا وتعمل عليه، وهذا مطلب له مؤيدين داخل سلطة الحكم وخارجها بطريقة أو بأخرى لكنهم لا يملكون القدرة ولا القرار ولعل هذا السبب الرئيس بما يحصل في استمرار الضغط بهدف الاذعان لاوامر الإدارة الأمريكية التي لم تعد خافية وقاحة سفيرتها وتدخلها بالشؤون اللبنانية، وقيادتها فريق سياسي والمطلوب تنفيذه افقاد لبنان ورقة قوة وحيدة يملكها بمواجهة العدو يفرضها معادلة ردع استراتيجية وقبل اية مفاوضات ورقة قوة اقلقت الاسرائيلي اربكت مشاريعه ضمن معادلة توازن الرعب وهذا له أبعاد دولية تتجاوز حتى حدود الدول الإقليمية
وتستمر المعركة بصخب اعلامي وشعارات سياسية انخرطت فيها المرجعيات الدينية بمطالب تدغدغ مشاعر بعض الانعزال وتحرض فريق على آخر وفي مقدمتها نزع سلاح حزب الله وتحميله مسؤولية كامل الأزمة الكارثية التي يعاني منها جميع اللبنانيين حتى المقيمين الا ان حسابات حقل التجييش لم تأتي على قدر بيدر النتائج فبحسب التوقعات ونتيجة لأسباب عدة نكتفي بذكر أهمها:
– أن اللبنانيين فقدوا الثقة بمعظم القيادات
– وان الشعارات لم تعد تقنعهم الا بعض من سولت لهم احلام السلطة والشبق لنعيم لحكم ورغده
فكانت كل نتائج الاستطلاعات والتقديرات تشير إلى عدم القدرة على اضعاف حزب الله وحلفأئه ويعزوا البعض السبب” لقانون الانتخاب” الذي فصل بزعمهم على قياس حزب الله وحلفأئه
والسبب الآخر بحسب مراقبين القرار السعودي بسحب الرئيس سعد الحريري وإنهاء عمل تياره، دون إيجاد بديل، وخطأ تقدير الاعتماد على سمير جعجع الذي لم يكن مقبولا عند فريقا كبيرا من اللبنانيين -وخاصة اهل السنة- الاكثرية الناحية في لبنان
وهذا الفراغ مع ما اعنرى فريق الرابع عشر من آذار من تناقدات ودخوله بتسويات منها رئاسة الجمهورية الحكومة إضافة لعدم قدرة المجتمع المدني ان يملأ الفراغ ويمثل قوة وازنة بمواجهة مشروع حزب الله الذي تحول لقوة إقليمية داخل لبنان فكان الدخول الأمريكي مباشرة حيث اوعزت الإدارة الأمريكية بعودة دول الخليج إلى لبنان ، والعمل لجمع فريق كامل وتمويله، وأوكلت المهمة للسعودية بشخص سفيرها، الذي أعاد فتح قنوات التواصل مع مرجعيات دينية وزمنية ، سياسيين أحزاب من السلطة وخارجها وقيادات وأحزاب ترفض حزب الله وتعارض وجوده قبل سلاحة
وبناء لنصائح سعت الإدارة الأمريكية لتأجيل موعد الانتخاب لمدة سنة على الأقل واعطاء فرصة لفريقها العائد من الشتات الا ان الثمن لم يكن مقبولا بعد وساطة قادتها شخصية وازنة للعمل على تمديد ولاية المجلس لمدة سنة او سنتين لكن فريق حزب الله وحلفائه ربطها بسلة كبيرة بدء بالتمديد لرئاسة الجمهورية وشكل الحكومة مشترطا تغيير بعض القيادات بدء من حاكم مصرف لبنان وغيره والتعيينات وصولا الكابينال كونترول، الا ان هذا لم يرضي الأمريكيين وفريقهم الذين اعتبروا بعد تشاور مع الحلفأء وسمعوا نصائح المستقلين ان: “هذا ثمن كبير فيه تكريس لانتصار حزب الله وضربة قاضية لفريقهم ” وتسليم بخسارة كاملة اولها الحكومة إضافة لرئاسة الجمهورية التي ستعود الأكثرية الحالية لانتخاب رئيس الجمهورية وحتما من فريقها وبشروطها، وهذا قرار تجرع لسم التسليم بعدم القدرة على مواجهة حزب الله وان الواجب عمله حاليا مزيد من الضغط والضغط الاقتصادي وتحريك الشارع، ما سيترك تبعات ربما تراها السيدة شاي وإدارتها (أهون الشرور) بعدم التسليم بواقع انتصار فريق معادي بتصنيفهم بمعركة ديمقراطية وهذا بحاجة لأبعاد اكبر عدد من الناخبين عن صناديق الاقتراع ومقاطعة الانتخابات بافتعال مشاكل أمنية تليها حملة تشكيك بنزاهة الانتخابات ونتائجها وهذا الخيار بتقديرهم اسلم من الفراغ الذي يأخذ البلاد حتما لمؤتمر تأسيسي جديد توازناته تختلف جذريا عن توازنات الطائف صلاحياته والواسعة الذي يراها الأمريكي تخدم مصالحه
انطلاقا مما تقدم فالخيارات صعبة والانتخابات حاصلة حتما بشتى الظروف لكن ربما نشهد على حوادث افظع وأزمات أشد واكثر ، لكن لا قدرة على تأجيل الانتخابات واخذ الوطن إلى فراغ لا ينتهي الا بقيامة الجمهورية الثالثة والظروف غير مهيئة حاليا
