مقالات مختارة

صفية انطون سعادة للديار : لبنان فقد دوره المحوري الذي بُنيَ الكيان ونظامه السياسي لاجله و 17 تشرين كانت طفرة وانطفأت

زياد العسل | كاتب وصحفي لبناني

يعيش لبنان ازمات كبرى تعصف به على شتى الصعد، وسط تدني المستوى الاجتماعي والاقتصادي الذي جاء مترافقا مع أزمات سياسية ومخططات للمنطقة ومن ضمنها لبنان، والذي يعتقد كثير من المراقبين والمتابعين للأزمة اللبنانية انه فقد دوره المحوري في هذه البقعة من العالم، مع عوائق كبرى تحول دون إزدهاره، لعل ابرزها طبيعة النظام السياسي العقيم الولاد للازمات فيه.

الدكتورة صفية انطون سعادة اكدت لـ «الديار»

أن الكيان اللبناني في وضع صعب جدا، ولا يحسد عليه، وأهم الأسباب هو أن دور لبنان كصلة وصل بين النفط وبين الغرب قد انتهى، وهذا الدور الذي ساهم في ازدهار لبنان، نظرا لغياب الإنتاج والصناعة والزراعة، وليس هناك سوى اهتمام بالمال النفطي كيف سيصل إلى الغرب، وقد قرروا أن يكون لبنان هو الواسطة لكفاءة شبابه ومستوى التعليم والثراء في اللغات، بوجود المسيحيين واختراع لبنان في عام 1920 كدولة للمسيحيين، وكصلة وصل تسهّل على العبور، ومنطقة عازلة بين العالم الإسلامي و»إسرائيل»، وكل هذه الأدوار انتهت في الحرب الأهلية عام 1975، بعد أن دخلت المقاومة الفلسطينية وغيّرت اللعبة برمتها، فاضحينا في موقع المواجهة وليس في موقع الهدنة مع «إسرائيل» والحياد، كما يقول الراعي وسواه اليوم، وكل هذه المقولات التي نفذها رؤساء الجمهورية، كون المسيحيين كانوا المسيطرين في ذلك الوقت، وكان هناك ست نواب مسيحيين مقابل ٥ مسلمين، وكان لرئيس الجمهورية القدرة على حل المجلس النيابي، فكل هذه العوامل كانت تسمح أن يلعب لبنان دورا مواليا للغرب وان ينفذ مصالحه.

وفيما يتعلق بأزمة النظام، ترى سعادة أن اساس اختراع لبنان هو لتغليب فئة على فئة أخرى، ومنذ اليوم الأول قسم بشكل طائفي، وبالتالي قد لعب الغرب أدواراً، وهذا الدور انتفى مع نهاية الحرب الأهلية بعد التوازن بين المسيحيين والمسلمين، وفيما بعد اهتم الغرب بالمسلمين اكثر، لأن الجالس على برميل النفط هو الشيخ وليس الخوري، مثلما نرى اليوم ماكرون يلهث وراء السعودية للغايات نفسها، فكل هذا نفى الدور الطائفي المسيحي هنا. واكدت ان هذا النظام السياسي الحالي انتهى دون ان يكون هناك من يدفنه، ولم نجد النظام البديل عنه لجهة الدولة المدنية وإلغاء الطائفية السياسية، والكل يستثمر في ذلك في الانتخابات النيابية ، فالمسلم يقول نحن مع إلغاء الطائفية السياسية، والمسيحي يقول انه مع إلغاء الأحوال الشخصية الطائفية، وبالتالي النتيجة على حالها.

وعما حدث في ١٧ تشرين، ترى الدكتورة صفية سعادة أن ١٧ تشرين كانت طفرة وانطفأت، وقد كانت مهمة في محاولات شق منها إلغاء الطائفية، وشق آخر لعب اللعبة الطائفية نفسها، ولم تبقَ على قيد الحياة بل أضحت مشغولة بالانتخابات والتمويل الخارجي، أو ثورة شعبية لها أهداف مشتركة وواضحة.

تؤكد ابنة مؤسسة الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة، أن ثمة دور كان يجب على القوميين الاجتماعيين أن يلعبوه ولم يلعبوه، هو عدم الانخراط في النظام الطائفي، لأنهم سيدفعون قوانين وضغوطات ومسارات هذا النظام، والحزب لم ينزل كحزب علماني لا طائفي، بل الذي يذهب إلى الحزب، يذهب كمسلم او مسيحي، ويطلب مساندة طائفته، لذلك فالحزب كان يجب أن يذهب لمشاريع علمانية حتى تذهب الناس وفق هذه الرؤية للحزب.

تنهي صفية انطون سعادة مخاطبة الشباب اللبناني: أن النظام السياسي الطائفي انتهى، وعليهم أن يستنبطوا نظاما جديدا يتماشى مع الدولة القومية الحديثة، وهذا يعود للرغبة الجدية في الذهاب في هذا الاتجاه كأفراد قبل الطبقة السياسية، بالانطلاق من المدرسة، وهذا لا مصلحة لحكام البلد به كون معظمهم أمراء حرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى